"فِصْح" أمْ "قِيامَة" أمْ "عِيد الكبير"؟
في آذار أو في نِيسان؟
أرنَبُ العِيدِ أمْ بَيضُ العِيدِ؟
لِمَ المَعمُولُ والكَعْكُ؟

إنَّها جِزءٌ من الأسئِلَةِ الكَثيرَةِ المُتَعَلِّقة بعيدِ الفصحِ الّتي أَرسَلهَا أصدِقَاءُ "إكو" إليهَا من مُختَلفِ المَدارسِ عبر البريدِ الإلكترُونيّ. وبِمَا أنَّ "إكو" شَاءَتْ أن يَشمَلَ رَدُّها أكبرَ عَدَدٍ من أَصدقَائِها الّذينَ قد يَطرَحُونَ التَّساؤلاتِ نفسَها أعدَّتْ هذا المَلف.
تابِعُوه لتَعرِفُوا الكثيرَ عَن هَذا العِيدِ الّذي يُعتَبَرُ "إكليل أعيادنا".

لِمَ يُطلَقُ على عيد الفصح عدّة تسميات: الفصح، القيامة  والعيد الكبير ؟ سوزي – الحدث
هذا العيدُ هُوَ من أَهمِّ وأَكبَرِ الأعيادِ عِنْدَ المَسيحيّينَ . يُحيونَ فيهِ تِذكارَ قِيامَةِ السيّدِ المَسيحِ مِنَ القَبْرِ وانتصَارِه عَلَى المَوت، ولِهذا يُعرَفُ العِيد أَيضاً باسمِ "عِيدِ القِيامَة".
- أمّا تَسميتُهُ "بالفصح" فتأتِي من الكَلِمةِ العِبرَانيَّةِ الأَصلِ (ييساح) ومِعنَاهَا "عُبور" أو "إجتياز". ولَدَى اليَهود عِيدٌ، يَحمِلُ الإسمَ نَفسَهُ، ولَكِنَّ مَعناهُ مُختَلِفٌ. فالفصحُ اليَهودِيّ هُوَ تَذكَارٌ لِعُبُورِ النّبيّ مُوسَى وبَنِي إسرَائيل مِن مِصْرَ حَيْثُ كانُوا تَحتَ عُبودِيّة فِرعون مَلِكِها، إلى صَحراءِ سِيناء حَيثُ نَالُوا الحُريّة وتَحرَّرُوا من قُيودِ الإستِعبَاد. أمّا عِنْدَ المَسيحِيّين فَبَقيَ إسمُ العِيدِ"فصح"، ولَكنّه يَحمِلُ مَعنىً آَخرَ، ألا وَهُوَ عُبُورُ السيّدِ المَسيحِ مِنَ المَوتِ إلى الحَياةِ  .
- ويُطلَقُ إسمُ "العيدِ الكَبيرِ" على هَذا العيد لِكَونِهِ أكبرَ الأعياد وأهَمَّها فِي حَياةِ المَسيحيّين الدّينيّة والإجتِمَاعِيّة.

 

لِمَ يتغيّرُ تَارِيخُ الإحتِفالِ بهذَا العِيد؟ وهَل هُوَ وَاحِدٌ عِندَ كُلِّ المَسيحيِّين؟ إيلي – بيت شباب

على الرُّغمِ مِمّا يَظهرُ مِن إختِلافٍ بِخُصُوصِ هَذَا العِيد، هُناكَ أَمْرٌ جَوهَرِيٌّ ثَابِتٌ هُوَ الَأسَاسُ: “إنّ الكَنيسَةَ الجَامِعَةَ عَلَى اختِلافِ طَوائِفِها تَحتَفِلُ بِهِ مُنْذُ نَشأتِها وتَعتَبِرُهُ "إكليلَ الأعياد" (يوحنا الذهبي الفم) وحَجَرَ الزّاوِيَةِ فِي الدّيَانةِ المَسيحيّة (بولس الرسول)”.
من الثّوابِتِ  أيضاً :
- أن يُحتَفَلَ بِهِ يَومَ أَحَدٍ لا غَير.
- أن يَقَعَ فِي فَصلِ الرّبيعِ مَا بينَ 22 آذار و25 نيسان.
- أمّا سبَب عَدَم وقُوعِهِ في تَاريخٍ مُحدَّدٍ مِثْلَ عِيدِ المِيلاد وسَبب إحتِفَالِ الطّوائفِ الّتي تَتبَعُ التّقويمَ الشّرقيَّ بِهِ في تَارِيخٍ يَختَلِفُ عن تِلكَ الّتي تَتبَعُ التَّقويمَ الغَربِيّ، فَيَعودُ إلى حسابِاتٍ "زَمَنيَّةٍ" لا غَير.

 

لِمَ الإحتِفَالُ لَيلاً فِي قُدّاسِ نِصفِ اللّيل؟ إدغار – البوشرية
تَحتَفِلُ الكَنيسةُ بِهذَا العِيد لَيلاً مُنْذُ القَدِيم... وَتُقيمُ قُدّاسَ مُنتَصَفِ الّليلِ حَتّى تَنتَهيَ مِنَ الإحتِفالِ في الوَقتِ الّذي قامَ فيهِ المَسيح "لأنّه قامَ باكِرَاً والظَّلامُ بَاقٍ (يو 20: 1) "ولِهذَا أمَرَ الرُّسُلُ بالإحتِفَالِ به لَيلاً حَتّى تَنتَهي الكَنيسَةُ من الإحتِفالِ وإقامَةِ الشّعائرِ الدّينيّة في الوَقتِ المُناسِبِ والمُوافِقِ أَي عِندَ صِياحَ الدّيك...

 

من أيْنَ أتَتْ عادَةُ تَلويِنِ بَيضِ العِيدِ والمُفَاقَسَة ؟
وما هِيَ رَمزيَّتُها ؟  جورج – السيوفي
يُقالُ أنَّ الكَنعَانيّين الّذينَ استَوطَنُوا فِلَسطِين وسوَاحِلَ لُبنَان وسُوريا المُطِلَّةِ على البَحرِ الأبيضِ المُتَوسِّط، اتَّخَذُوا "البَيضَةَ" رَمزاً لِعَودَةِ الحَياة إلى الطَّبيعَةِ في فَصلِ الرَّبيعِ، بعد أن تَكونَ هَذِهِ الحَياةُ رَمزِيّاً قَدْ مَاتَتْ في فَصلِ الشِّتَاء، فَكانُوا يُحيُونَ إحتِفَالاتٍ دينيَّةٍ وَشَعبِيّة يَتَهادُونَ خِلالَها البَيض.
وَ كَشَفَتْ الحَفْرياتُ الَأثَريَّةُ في مِنطَقَتَي الكَرمِلِ والحولَةِ في فِلَسطين، وأوغاريت في سُوريا عَن قبُورٍ ونَواوِيسَ فَخَّارِيَّةٍ صُنِعَتْ بِهيئَةِ بَيضَةٍ كَانُوا يُسجُّونَ فِيها جُثَّةَ المَيْتِ مَطوِيّاً، كَمَا يَكونُ الجَنينُ في بَطْنِ أُمَّهِ، إعتقَاداً مِنهُم أنَّهُ يَعودُ من حيثُ أتَى بِنفسِ الطَّريقَةِ. وبعدَ ظهورِ المَسيحيّة وانتِشارِهَا، إنتَقَلَتْ عَادَةُ إستِعمَالِ البَيضِ إلى عِيدِ الفصحِ، لِتَتَّخِذَ مَعَانٍ مَسيحيّة تَختَلِفُ عَن تِلكَ الّتي كانَت ْمُنتشِرَةً وقَائِمَةً في الدِّيانَاتِ الوَثَنيّة.
فالبيضةُ تَرمزُ إلى القَبرِ وهِيَ تُشبهُه لأنّها تَكونُ جَامِدَةً بِلا حراكٍ قَبلَ أن يَخرُجَ مِنها الصُّوصُ كَمَا خَرَجَ المَسيحُ من القَبرِ مُنتَصِراً على المَوت.
ولماذَا البَيضُ المَسْلُوقُ وليسَ النَّيء؟
التَّفسيرُ الشّعبيُّ هُوَ أنَّهُ عِنْدَ فتْحِ البَيضَةِ بَعْدَ كَسْرِهَا يَظهَرُ أوَّلاً الّلونُ الأبيضُ (البياض)، وهُوَ يَرمزُ إلى النّورِ الأَبيضِ المُنبَعِثِ من قَبْرِ المَسيحِ عِنَد حُدُوثِ القِيامَة.
أمّا تَلوينُ البَيضِ المَسلُوقِ فَيرمزُ إلى تَجَدُّدِ الحَياةِ وانبِعاثِها مع فَصلِ الرّبيع الغَنيّ بالألوانِ الزَّاهِية والّذي يأتِي بعدَ فَصْلِ الشّتاءِ القَاتِم.
وماذا عن المُفاقَسَة؟
المُفاقَسَةُ أو تَكسيرُ البَيضِ عَادَةٌ تَرمزُ إلى تَكسيِر المَسيحِ عِندَ قِيامَتِهِ أَغلالَ العُبُودِيّة والشّرِّ والخَطِيئَةِ والمَوتِ.

 

أرنَبُ العِيدِ؟ أليسَ تَقلِيداً غَريباً عَلَى عَادَاتِنَا الشّرقية ؟ دنيا- الحدث
"أرنَبُ العِيدِ" رَمزٌ جَديدٌ تَغلغَلَ إلى عَادَاتِنَا الشّرقِيَّة. وهو ليسَ أمراً جَدِيداً وإنّمَا يَعُودُ إلى القُرُونِ المَسيحيّةِ الأولَى. كَانَتْ شُعوبُ السّاكسون في أوروبَا تَحتَفِلُ بِعيدِ الخصبِ في أوَّلِ الرَّبيع وتَرمزُ إلى إلَهِ الخَصبِ بالأَرنَب. ومَن يَفوقُ الَأرنَبُ رَمْزاً للخُصُوبَة والإنجَاب؟ ومِنهُم تَسرَّبَتْ تِلكَ الطّقُوسُ إلى إحتِفَالاتِ المَسيحيّين الأَوَائل بِعيدِ الفصح لاسيَّمَا فِي إلمَانَيا. وظَلَّ إستِعمَالُ أرنَبِ العِيدِ مَحصُورَاً في المُجتَمَعاتِ الإلمَانيّةِ حَتّى نِهايَةِ الحَربِ الأهليّة الأميريكيّة حيث شَاعَ إستعمَالُهُ بَينَ المُهاجِرينَ الإلمان ومِنهُم إنتقَلَ إلى عِدّة دوّل.

 

لِمَ نَرتَدِي مَلابِسَ جَديدَةً في عِيدِ الفصح ؟ ميغيل- بكفيا
يُقالُ أنَّ إرتدَاءَ الملابِسَ الجَديدَةَ يَومَ العِيد بالذّات نَاتِجٌ عن إرتِداءِ مَلابسَ بَسيطةٍ طِيلةَ أسابيعِ الصّيامِ والآلامِ الّتي تَسبِقُ العيدَ: وعَليهِ فإنَّ المَثَلَ الشّعبيَّ يُؤَكِّدُ ضرورَةَ إرتِدَاءِ الجَديدِ، إذْ يَقولُ:
"لبس الجديد في العيد".

 

ولا بدَّ أن نُشيرَ إلى أنَّ اللباسَ الجَديدَ لَهُ مَدلُولٌ رُوحِيٌّ كَبيرٌ، إذ يَرمزُ إلى نَزْعِ الثَّوبِ القَديمِ والعَتيقِ البَالِي، أيْ نَزعِ ثَوبِ الخَطيئَةِ والخَوفِ من المَوتِ وارتِدَاءِ ثَوبِ القِيامَةِ وانتِصَارِ المَسيح على المَوتِ وَرَفعِ الإنسان إلى مكانتهِ الأَصليّة. وبالتّالي الّلباسُ الجَديدُ هُو رمزٌ للحياةِ المُتَجَدِّدَة.لِمَ تُحضِّرُ المَامَا "الكَعْكَ والمَعمُولَ" تَحدِيداً في هَذا العيد ؟ أنطوني- البترون

 

إنّ صُنعَ كَعكِ العيدِ قَديمٌ في الأوسَاطِ المَسيحيّةِ في منطقتنا وهو منتشر في مصر، فلسطين، لبنان، سوريا وشرقي الأردن. وكعك العيد بشكله الدائري يرمزُ إلى إكليلِ الشوك الّذي وضَعَهُ الجُنودُ الرومان على رأسِ السيّد المسيح قبل صلبه، كجزء من عملياتِ التعذيب والعقاب.

 

أمّا "المعمول" وهو عبارة عن قطعة من العجين مصنوعة بشكل هرمي، فيرمز إلى قبر المسيح، وفق المفهوم الشّعبي. ويجب أن يؤكل من أعلى الهرم للدّلالة على فتح قبر المسيح وقيامته من الموت!هل تقاليد العيد هي نفسها في كلّ العالم ؟  ريبيكا- جبيل

 

إذا كان جوهر العيد هو نفسه فإنّ عاداته وتقاليده تختلف من بلدٍ إلى آخر. لذا إختارت "إكو" بعض البلدان لتعرّفكم على بعض عاداتها.

 

في بولونيا: فقط النّصف

عادة عجيبة تقضي بأن يُقدّموا لكلّ غريب يدخل منازلهم بيضة مسلوقة شرط أن يأكلوا هم نِصفَها ويُعطوا النصفَ الآخر للضيّفِ وذلك ليدلّوا على توثيقِ غرى الأخاء بينهم وبين مضيفهم.

 

في يوغوسلافيا: الصداقة
عندما يفقسُ شخصان البيضَ يفسّران ذلك بتفاسير شتى. فإذا كُسرت البيضتان معاً كان هذا في عرفهم دليل خير من شأنِه أن يُقوّي الصّداقة بين هذين الشخصين مهما إختلفت ظروفهما وتباينت أحوالهما.

 

في إلمانيا: شعلة الفصح
يُعتبر البيض والأرنب جزءاً لا يتجزأ من طقوس عيد الفصح في إلمانيا. ويتم تزيين وتلوين البيض بأشكال ونقوش جميلة حيث يخفى في أماكن مختلفة ويُترك الأطفال الّذين يتَنكرون في شكل أرانب لكي يبحثوا عنه.كما أنّ هناك تقليداً يُعرف "بشعلة عيد الفصح"، حيث يتقابل سكان الرّيف والأصدقاء والجيران في يوم السبت قبل عيد الفصح، وفي بعض المناطق يوم الأحد أو يوم الإثنين من عيد الفصح للقيام بإحراق فروع الأشجار.

 

في مصر: أكل السمك
طقوسُ عيدِ الفصح في مصر لا تختلفُ كثيراً عن بقيةِ البلدانِ من حيثُ إستخدامِ البيض الملوّن الّذي هو جزء من هذه الطقوس، والذّهاب إلى الحدائقِ العامة، ولكن في مصر عادة مميّزة وهي أكل السمك المملّح جداً. وكان للبيض والسمك منذ أيام الفراعنة، معنى دينياً مُرتبطاً بالإله "براهمت"، إله البقاء والحياة في الحضارة الفرعونية، كما إنّ أكل السمك هو رمزٌ مسيحيٌ حتى أيامِنا هذه.


Attachment