جَدَّةُ سامِر مَريضَةٌ جِدّاً. فَطلَبَتْ من أَبيهِ أن يُرسِلَ في طلَبِ الكاهِنَ ليَمنَحَها سِرَّ مَسْحَةِ المَرْضى.

أسرَعَ سامِر بِناءً على طَلَبِ والِدهِ إلى كَنيسَةِ السّيدة الّتي لا يقصِدُها مع أهْلِهِ إلاّ في المُناسَباتِ الكُبْرَى (الميلاد، الفصح، مَعمودِيَّة أخيه...).

دَخلَ إلى قاعَةِ الكنِيْسَةِ مُتوَقِّعاً هُدُوءًا فإذا بِهِ يُفاجَأ بَهذا المشْهَدٍ : في زاويِةٍ، يَجلِسُ أبونا الياس مع أُناسٍ يَتحاوَرُون بديْناميْكيَّةٍ مُلْفِتَةٍ : إنَّهم «لجنَة الوقف»...

وفي ثانِيَة، مَجموعَةُ أولادٍ يُصْغونُ بِفرَحٍ إلى شابَة تُخبِرُهُم قِصَّةً من الإنْجيلِ المُقَدَّس... إنَّهُم فُرسانُ العَذْرَاء...

وهُناكَ مجْموعَة أولاد يَرْتَدونَ الأبْيض  ويُحَضُّرونَ قِراءاتٍ مِن الإنْجيل...إنَّهُمْ أوْلادُ المُناوَلَة الإحْتِفَاليَّة.

وأبعدُ بِقليلٍ جَمَاعَةٌ تُرَنّم ... إنّها الجَوْقَة...

ولمْ يَعُدْ سامِر إلى نَفْسِه إلّا علَى صَوتِ الكَاهِنُ يُناديه:«تَعا يا ابْنِي. أنا مِشْ شايْفَك. إنْتَ مِنْ رعيْتَي ؟».

«رْعيْتَك»؟ أجابَ سامِر بِتَعَجُّب.

«إيه يا ابْني... إنْتُو شِيْ من رَعِيِّة كْنيْسِة السَّيَّدة، يَعْني عَيْلِة من عِيَل هالحَيّ ؟»

فَأجابَ سامِر بِحُزْن (لأنَّ الكاهِنَ لم يَعْرِفْه) «إيه يا أبونا». وبَعدَ أن أخبَرَ الكاهِنُ سبَبَ مجيئِهِ غادَرَ الكَنيسَةَ مُدْرِكاً حَقيْقةً مُرَّة: عائِلَتُه كُلُّها غائِبَة عن خارِطَََة الرّعِيّة...

فَسَألَ نَفسه: لماذا هَذا الإنقِطاع عَنْ عالَمِ رَعِيَّتي؟ ما الذّي يَفوتُني؟

ماذا يُمْكِنُني أن أفْعَلَ لأَعيشَ الفَرَحَ والحَياةَ الّلذين رَأَيتُهُما في عُيونِ مَن كانُوا في قاعَةِ الكَنيْسَة؟

أسئِلةٌ نَطرَحُها بِدَورِنا مع سامِر ومع الكَثيرينَ مِثلَه ونُحاوِلُ أن نُجيبَ عَنْها مَعَهُم ومَع الّذينَ يَحيونَ حَياةَ رَعاياهم! تابِعُونا...


Attachment