ما هي الكفايةُ المسيحيّةُ ؟

الكفاية المسيحيّة هي بكُلّ بساطة القُدرة على أن يعيش المرءُ حياتَه كمسيحيّ. تدلُّ على »فنّ« العيش في الإيمانِ بطريقةٍ حُرّة، مسؤولة، وخلاّقة. وذلك ليس بموجبِ أمرٍ مفروض علينا، إنّما بموجبِ النّعمة الموهوبة لنا والتي نرغبُ في أن تنمو فينا من أجلِ خَيرنا وخير الآخرين.

وبدقّةٍ أكثر نقولُ: »الكفاية المسيحيّة« هي القُدرة على أن نسيِّر حياتنا، وأن نُحفّزَها ونُدوّنها شخصيًّا في الإيمان (إيمان / رجاء / عطاء)، بالارتباط بالجماعة المسيحيّة، وفي إطار ثقافيّ مُعيّن، مُحفّزين، بطريقة خلاّقة قادرة على الاندماج، مُختلف مصادر المعرفة: معرفة الفعل، المواقف، القِيَم، التقليد المسيحي والثقافات. ونُنمّي هذه الكفاية عبر تمارين خاصّة على مدى الأيّام.

شرح مُختلف أجزاء هذه الكفاية

كفاية التّعليم المسيحي تفترِضُ أن يُدوّنَ شخصيًا، حياتَهُ في الإيمان

وهذا يعني أنّ الحياة المسيحيّة عملٌ مُتميّزٌ باستمرار. هي مسيرة ذاتيّة، كتابة حياتيّة نُحرّرها بإيحاءٍ من الرُّوح القُدُس، مُتّخذين الإيمان قاعدة لنا. وهذه القاعدة لا تقودُ إلى التّطابق وفقًا لقالبٍ مُحضّرٍ مُسبقًا، بل على العكس، تَفتَحُ »لعبةَ« الحياةِ على عملِ الرّوح.

وبالتالي، الحياة المسيحيّة هي الكتابةُ الخلاّقة لصفحةٍ من الإنجيل الخامس المُستوحى من الأناجيل الأربعة الأُولى. وبهذا تكونُ الحياةُ المسيحيّةُ بمثابةِ دعوةٍ مُوجّهة إلى كُلّ واحد، دعوةٍ إلى تجسيد الإنجيلِ في حياتنا، بطريقةٍ فريدةٍ دائمًا، وذلك لجعلِ هذه الحياة إنسانيّة بامتياز.

بالارتباط بالجماعة المسيحيّة

الإيمان الذي نتحدَّث عنه هُنا ليس عاديًا. فالإيمانُ بيسوع المسيح انتقَلَ إلينا عبر التّقليد والجماعات المسيحيّة. والـ »أُؤمِن« التي يُردّدها كُلُّ مسيحيّ، وعلى الرّغم من كونِها أمرًا خاصًا، لا يُمكِنُ أن تكون فرديّة، لأنّها ستصبُّ في النهاية في »النُّؤمن«. وبالتّالي فإنّ كفاية المسيحيّ لا يُمكِن أن تنفصِلَ عن انتمائه إلى الجماعة المسيحيّة، تستَلزِمُ القُدرة على التّفاعُل داخِلها والمُشاركة بطريقةٍ أخويّةٍ، نقديّةٍ، وخلاّقة، في كُلّ نشاطاتِ هذه الجماعة واحتفالاتها وتجمُّعاتها.

في إطار ثقافيّ مُعيّن

تفرُضُ الحياة المسيحيّة دومًا مُشاركة في الحياة الاجتماعيّة، والتّحاور، والحفاظ على الكائنات البشرية والتعاطُف معها بكلّ أفراحها وآلامها، آمالها وأحزانها.

وما من بشريّ غريبٍ على الحياة المسيحيّة التي تُصبِح بلا معنى إن لم تسعَ في كُلّ وقت إلى جعلِ الحياة الاجتماعيّة أكثرَ إنسانيّة، ودائمًا بروح الإنجيل.

مُحفّزين بطريقة خلاّقة وقادرة على الاندماج، مُختلف مصادر التّقليد المسيحيّ والثقافات

كلمة يُحفِّز تدلُّ على أنّ الحياة المسيحيّة ليسَت مُجرّد تطبيقٍ لمبادئ أو حقائق. التّحفيز يفترِضُ أن نختارَ وأن ننتقي ما نُريدُه من مجموعةِ المصادرِ المُتوافرة لدينا، ويفترِضُ بعد ذلك أن نُفعِّل ما اخترناه.

بعد ذلك، نضعُ المصادر المُختارة مع بعضها البعض، ونُوجّهها وفقًا لترتيبٍ مُعيّن، وذلك لتكوينِ استراتيجيّة لتحلَ المشاكل التي تُطرَح: أسئلة للمُعالجة، مُهمّات للتّنفيذ، مشاريع للتّحقيق، ومصاعِب للتّخطّي.

ويَفتَرِض تنوُّع المشاكلِ التي نُصادفُها فهمًا عمليًّا للأوضاع، وتحفيزًا للمصادر المُتميّزة. والمصادرُ التي نستقي منها، ونُحفّزها هي savoir أكثر من كونها savoir faire (طُرُق، مسيرة على مراحل).

صحيحٌ أنَّ هذه المصادر تنتمي إلى التّقليد المسيحي، ولكنّها تنتمي أيضًا إلى الثقافات، حيثُ يُدعى الإيمان المسيحي إلى أن يعيش، إلى أن يُعبِّر عن نفسهِ وإلى أن يغتني.

مثلاً: لكي نتمكَّن من إعطاء إجابةٍ مسيحيّةٍ عن سُؤال يُطرَح في إطار مُعيّن، علينا أن نستنِد إلى التّقليد المسيحيّ، وأن نعرِفَ الأوضاع الواقعيّة، وأن نمتلِك معلوماتٍ خاصّة بالعلوم الإنسانيّة والتاريخ.

باغناء هذه المهارة عبر مُمارستها ووضعها قيد العمل في تنوُّع الحالات والأوضاع التي تُصادِفنا

تُصبح الكفاية المسيحيّة كفاية حقيقيّة عندما تملك القُدرة على ترهيف نفسها (تنقِيَتِها) باستمرار لدى احتكاكها بما تلتقيه من حقائق، وذلك عبر تقييمِ الموقف والحلول المُتّخذة تجاهَ هذه الحقائق. وبالتّالي ليست المهارة المسيحيّة Aquis، وإنّما حركة مُستمرّة.

Attachment
cata103-6-7.pdf (0 bytes)