ذهب الطّبيب المَشهور في ليلة العيد لحضور القداس.

ما أن وصل إلى باب الكنيسة حتى شاهَدَ مشهدًا لفت إنتباهه: أحد رجال الأمن يمنعُ رجلاً عجوزًا من الدّخول لحضور القداس.

كانت ملامح البؤس واضحة على ملابس هذا الرجل ومظهره. فرَقَّ قلب الطّبيب لحاله. فتكلَّمَ مع رجل الأمن طالبًا منه أن يسمح له بالدخول على مسؤوليته الشّخصية على أن يجلُسَ معه في الصفوف الخلفية خلف إحدى أعمدة الكنيسة. فنظر الرجل المسكين إلى الطبيب نظرة حانية مُعبِّرا له عن شُكره العميق ودخل الإثنان وحضرا القداس. وعند الإنصراف قال الطبيب للرجل: »أينَ تسكُن ؟"، فأجاب الرجل : " للثعالب أوكرة ولطيور السماء اوكار، أمَّا ابن الانسان ليس له أينَ يسند رأسه".

فقاطعه الطبيب: "إسمح لي أن أكون ابنك، فتعالَ معي إلى بيتي لنتناول الطعام معًا خصوصًا أننا في ليلة عيد".

دقّ الطبيب جرس الباب، ففتحت زوجته، وقد جَهَّزَت كُلّ شيء للإحتفال بالعيد وهي مُبتَسِمَةً وفرحةً، ولكن فرحتها لم تدم عندما رأت الرجل العجوز المعدم بملابسه الرثة، فصرخت في وجه زوجها: »أيُّ بائس هذا الذي تُريدُ أن تُدخله بيتي في ليلة العيد ؟«.

أراد الطبيب أن يُهدِّئها، وهو في غاية الخجل من الرجل، ولكنها لم تهدأ، بل زادت في ثورتها وقالت في إنفعال: "عليكَ أن تختارَ بيني وبين هذا الرَّجُل، فإمّا أنا وإمّا هو !".

أراد الرجل أن ينصرف لولا أن الطبيب منعه وطلب منه أن ينتظر قليلا. دخل الطبيب إلى المطبخ وأخذ بعضا من الطعام، وقال لزوجته: »لن نأكُل كلانا معك، أنا ذاهِب مع الرّجُل إلى العيادة«.

فجلسا سويًّا ليأكُلا، وطلب الطبيب من الرجل العجوز أن يمد يدَه ليأكل، فمد الرجل يده. وهنا »إنخَلَعَ« قلب الطبيب منه وتَسَمَّرَ في مكانه... فقد رأى آثار المسامير في يد الرّجل العجوز! نظر الطبيب إلى وجه الرّجل..... فوجَدَ شكلَه قد تغيَّرَ تمامًا. وبدَأَ يرتفِعُ عن الأرض وهو يُباركه قائلاً:

"طوباكِ لأن الجميع إحتفلوا بالعيد أما أنت فاستضفت الرب".