في أَحَدِ الأَيّامِ، وبَينَما كانَ أَحَدُ الرُّهبانِ المُتَنَسِّكينَ في الجِبال، يَبحَثُ عَن مَغارَةٍ لِيَعيشَ فيها، شاهَدَ كَنزًا كَبيرًا فيهِ قِطعُ ذَهَبٍ وَمُجَوهَراتٌ تَلمَعُ في ظُلمَةِ المَغارَة، فَانتَفَضَ لِلمَشهَدِ وَخَرَجَ راكِضًا يَصيحُ: «المَوت! المَوت! لَقَد شاهَدْتُ المَوتَ في المَغارَة

            وَصادَفَ أَنَّ ثَلاثَةَ لُصوصٍ كانوا يَمُرّونَ في تِلكَ اللَّحظَةِ قُربَ المَكان، فَدَخَلوا وَانبَهَروا بِلَمَعانِ الكَنزِ وَاستَغرَبوا كَلامَ الرّاهِبِ الّذي يَقولُ عَن الكَنزِ «إِنَّهُ المَوت».

            وَجَلَسوا يُقَلِّبونَ المُجَوهَراتِ، وَيَتَشاوَرونَ كَيفَ سَيَنقُلونَها مِنَ المَغارَةِ وَكَيفَ سَيَتَقاسَمونَها. وَاتَّفَقوا أَخيرًا أَن يَذهَبَ أَحَدُهُم إلى أَقرَبِ قَريَةٍ لِيُحضِرَ طَعامًا وَحِمارًا لِنَقلِ الكَنْز.

            وَلَمّا وَصَلَ اللِّصُّ إلى القَريَةِ فَكَّرَ في نَفسِهِ قائِلاً: «وَلِماذا لا آخُذُ الكَنزَ وَحدي؟» فَوَضَعَ السُّمَّ في الطَّعامِ، وَعادَ على ظَهرِ الحِمارِ إلى المَغارَة.

            وَفي الوَقتِ نَفسِهِ اتَّفَقَ اللِّصّانِ الآخَرانِ أَن يَقتُلا اللِّصَّ الثّالِثَ عِندَ عَودَتِه، حَتّى يَتَقاسَما الكَنزَ وَحدَهُما.

            فَلَمّا دَخَلَ اللِّصُّ حامِلًا الطَّعام، هَجَما عَلَيهِ وَضَرَباهُ على رَأسِهِ حَتّى ماتَ.

            وَجَلَسا يَتَناوَلانِ الطَّعامَ مَسرورينَ بِفِكرَتِهِما الخارِقَةِ الّتي سَتَزيدُ حِصَّتَهُما مِنَ الكَنز، وَلَكِنَّهُما تَسَمَّما بِالطَّبعِ وَماتا.

            نَعَم لَقَد كانَ الرّاهِبُ حَكيمًا عِندَما قالَ:

«إِنَّ الكَنزَ المادِّيَّ هُوَ المَوت».

«أُكنُزوا لَكُم كُنوزًا في السَّماءِ».

Attachment
echos-203-p3.pdf (0 bytes)