من منّا لا يَحتَفلُ في كُلِّ سنةٍ بعيدِ رأسِ السّنةِ حيثُ نُودِّعُ سنةً لتُطلَّ عَلينا أُخرى برأسِها، الّذي نرجُو أن يَحمِل إلينا السّعادَةَ والنَّجاحَ والسّلامَ.
ورأسُ السنة الّذي يحتفِلُ به العالمُ أجمع يتبَعُ التَّقويمَ الميلاديّ الّذي يُؤرّخُ للسّنينِ بدءاً من تاريخِ ولادَةِ يسوع المسيح.
ولكن هذا لا يمنَعُ وجودَ رُؤوسِ سنةٍ أُخَر يَحتفِلُ بها غيرُ المَسيحيّين.

تعالوا لنكتَشِفَ بعضَها معاً.

رأسِ السَّنة الهجريّة

هو الحَدَثُ الثقافيّ الّذي ينتظرُ فيه  المُسلمون اليومَ الأوّلَ من شَهر المُحرَّم، الشّهرِ الأوّلِ في التّقويمِ الإسلاميّ. يَستخدِمُ كَثيرٌ مِنَ المُسلمين هذا التّاريخَ ليتذكَّروا اهميَّةَ هذا الشَّهر حيثُ حدثَت   "الهجرةُ النّبويّة"، التي هاجَر فيها  النَّبيُّ محمد إلى المَدينة المُنوَّرة. في الآونة الأخيرة، في مناطقَ كَثيرةٍ ذات الأغلبيّة المُسلِمة، بدأَ النّاسُ يتبادَلون البِطاقاتَ والهَدايا في هذا اليوم، وإن كان على نِطاق ٍضَيّق. بالنّسبة للمُسلمين الشّيعة، مُحرَّم هو شَهر الحُزن والأسى لأنَّ فيه ذِكرى وفاةِ  الإمامِ الحُسين وأصحابِه في  يوم عاشوراء.

 

في رأسِ السَّنة العبرية

يحلُّ عيدُ رأسِ الّسنةِ العبريّة بعد انتهاءِ شهرِ أيلول العبريّ الَّذي يُعتبَرُ شهرُ طلبِ الرَّحمةِ والمَغفِرةِ من الخالقِ وبه تبدأُ عشرةُ أيامِ التّوبةِ وتُختتمُ بصومِ  يوم الغفران.
ويُحتفلُ به، التزاماً بتعاليمِ التّوراةِ في الإصحاح 23 من سفر اللّاويين، لمُدّةِ يومَين، حيثُ ينتَهي بعد حُلولِ اللّيلِ يومَ 10 أيلول. وتتخلَّلُ يَومَي العيد َصلواتٌ خاصّةٌ به وتلاوةٌ في نُصوص التّوراة.

وتصلُ صلواتُ كُلّ يومٍ من يومَي العيد إلى ذروتِها حينَ يُنفَخُ في "الشُّوفار" (نوع من البوق مَصنوع من قرن كبش). ويُعتبرُ النَّفخُ في قرن الكبش (الشوفار) رمزًا لكبشِ الفِداء الّذي مَنّ به اللّه على إبراهيم عندما امتثَل لأمرِ ربّه وهمّ بذبحِ نجلِه إسحاق على جَبل موريّا في أورشليم، وهو الجبلُ الَّذي أُقيمَ عليه فيما بعد الهَيكلان المُقدَّسان الأوّل والثّاني. وقد حدثَت أُضحية اسحاق، حسبَ العقيدةِ اليهوديّة، في رأسِ السَّنة العبرية كما أنّ الملائكةَ بشّروا سارة بولادتِه في مثل هذا اليوم أيضًا.

ومن تَقاليدِ العيد تناول شرائح التُّفاحة المَغموسة بالعسل، رمزاً لأملِ أن تكونَ السَّنةُ الجديدةُ حُلوة. أما التّقليدُ الثّاني فهو التّوجُّهُ إلى مَصدرِ مياهٍ مِثل البَحر أو أحد الأنهار أو الينابيع، حيث يتمُّ تلاوةُ بعضَ آياتٍ وإلقاء قِطع من الخبز في الماء، رمزاً لـ"إلقاء" جميع ما ارتكبَهُ الإنسانُ من خَطايا خلالَ العامِ المُنصرِم. ويعودُ هذا التّقليدُ إلى الآية 19 من الإصحاح السّابعِ لسفر ميخا التي تقولُ: "...وتُطرَح في أعماقِ البحر جميع خَطاياهم". وتَتِمُّ مُمارسةُ هذه الشَّعائر عصرَ اليوم الأول من العيد، أو في اليوم الثّاني، في حال صادفِ اليوم الأوّل يوم السبت.