يُذكِّرُ القدّيسُ بُطرُس في رِسالتهِ الأولى »وكونوا في كُلِّ حينٍ مُستعدِّينَ لِلرَّدِّ على كُلِّ مَن يَطلُبُ مِنكُم دَليلاً على الرَّجاء الذّي فيكُم. وَليكُن ذلِكَ بِوداعَةٍ واحترامٍ« (3، 15-16). لَقد نالَ المُعمَّدونَ عطِيةَ الإيمانِ، وهيَ تُلهِمُ حَياتَهُم كُلَّها وتَقودُهم لِلتعبيرِ عَنها بِلُطفٍ واحتِرامٍ لِلأشخاصِ، إنَّما أيضاً بِصراحَةٍ وَرباطَةِ جَأشٍ (راجِع أع 4، 29). وَعَليهم أن يَتعلَّموا بِطريقَةٍ مُلائِمة الإحِتِفالَ بالأسرارِ المُقدَّسةِ، والدُّخولَ في مَعرِفَةِ العَقيدَةِ الموحاةِ، وتَناغُمِ الحَياةِ والعَملِ اليوميّ. إنَّ تَنشئةَ المُومنينَ هَكذا، هيَ مُتوفِّرةٌ، قَبلَ كُلِّ شيءٍ في التَّعليمِ المسيحيّ، وَقدرَ المُستطاعِ، في التَّعاونِ الأخويّ بينَ مُختَلَفِ الكنائِس.

إنَّ اللّيتورجيِّا، وبالدَّرجَةِ الأُولى الإحِتفال بالإفخارِستيّا، مَدرسَةُ إيمانٍ تَقودُ إلى الشَّهادَةِ. فَكلِمةُ الله المُعلَنةُ بِطريقَةٍ مُلائِمةٍ يَنبغي أَن تَقودَ المُومنينَ لإعادَةِ اكتشافِ حُضورِها وفَعاليَتها في حَياتِهم وحياةِ أُناسِ اليَوم. إنَّ التَّعليمِ المسيحيّ لِلكنيسَةِ الكاثوليكيّةِ ركيزَةٌ أساسيّةٌ، وكما أشَرتُ سابِقاً، لا بُدَّ مِن قِراءتهِ وتَعليمِهِ، وكذلِكَ التَّعليمُ المَلموسُ لِلعقيدَةِ الإجتِماعيَةِ لِلكنيسَةِ، المَشروحِ خُصوصاً في مُلخّصِ العَقيدَةِ الإجتِماعيَةِ لِلكنيسَةِ، وفي وثائقِ التَّعليمِ البابويّ الكُبرى. وليُساعِد واقِعُ الحَياةِ الكَنسيةِ الشَّرقِ الأوسَطية، والتَّعاونُ في خِدمَةِ المَحبَّة، في إِعطاءِ هَذهِ التَّنشئَة بُعداً مَسكونيّاً بِحسَبِ خصوصيّةِ كلِّ مكانٍ وباتِفاقٍ معَ السُّلطاتِ الكَنسيةِ المُختصَّةِ.

إلى ذلِكَ، سيتقوّى التِزامُ المسيحيِّين داخِلَ الكَنيسةِ والمُؤسساتِ المَدينَةِ بِتنشِئةٍ روحيّةٍ متينَةٍ. وَيبدو ضروريِّاً تَسهيلُ وصولِ المُومنينَ - لاسيِّما الذّينَ يَعيشونَ في التَّقاليدِ الشَّرقيَّةِ، وَنَظراً لتاريخِ كَنائِسهم – إلى كُنوزِ آباءِ الكَنيسةِ والمُعلِّمينَ الرُّوحيِّينَ. أَدْعو السّينودُسات وباقي الهيئاتِ الأُسقفيّةِ لِلتَّفكيرِ جدّياً في تَحقيقِ هَذهِ الأُمنيّةِ بِشَكلٍ تَدريجيّ، والتَّفعيلِ اللاَّزِمُ لِدراسَةِ عِلمِ الآباءِ الذّي سيُكَمِّلُ التَّنشِئَةَ الكِتابيَّة. وَيعني ذلِكَ قبلَ كُلِّ شيءٍ، أن يَغرِفَ الكَهنَةُ والمُكرَّسونَ والإكليريكيّونَ أوِ المُبتدِئونَ، مِن هَذهِ الكُنوزِ، لِتَعميقِ حَياتِهم الإيمانيّةِ، كي يَتمكَّنوا لاحِقاً مِن مُقاسَمَتِها بِثقَةٍ. إنَّ تَعاليمَ المُعلِّمينَ الرُّوحيِّينَ لِلشّرقِ والغَربِ، وَتعاليمَ القدِّيسين والقِدِّيساتِ، سَتساعِدُ كُلَّ مَن يَبحَثُ حَقاً عَن اللَّه.


Attachment
cata120-p18.pdf (0 bytes)